الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي

أساليب استغلال ثورة الذكاء الاصطناعي (الإدارة بأحدث صورها)

  • توماس دافنبورت

  • مدة القراءة: 00:21:00

  • 1325 قراءة

  • رابط الملخص

 

الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي

أساليب استغلال ثورة الذكاء الاصطناعي (الإدارة بأحدث صورها)

توماس دافنبورت

دار نشر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، 2018م

الرقم العالمي الموحد للكتاب: 9780262039178

عدد الصفحات: 248 صفحة

النقاط الرئيسية:

  • قد حان الوقت لإدراك واستغلال إمكانات الذكاء الاصطناعي الجبّارة، وبالرغم من أن الذكاء الاصطناعي معقد ويصعب تكامله وتطبيقه، إلا أنه سيغير كل شيء على المدى الطويل.
  • يتضمّن الذكاء الاصطناعي العديد من التقنيات المختلفة التي تُستخدَم في أغراض متنوعة.
  • تمتاز الشركات الكبرى والشركات الناشئة بالريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك لأنها تستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل أتمتة العمليات والتبصّر والتفاعل المعرفي.
  • لتصبح شركتك "شركة معرفية"، يجب إحداث انسجام بين المهام والتقنيات التي ستقوم بهذه المهام.
  • تحتاج المنظمات إلى تطوير إستراتيجيات معرفية.
  • هناك طرق مختلفة لتطبيق الذكاء الاصطناعي في الشركات، وفي بعض الحالات تحل الآلات محل صانعي القرار من البشر، وفي حالات أخرى تساعد الآلات البشر وتجعلهم أفضل.
  • سيغير الذكاء الاصطناعي من بيئة مكان العمل، وسيقضي على بعض الأعمال ويغيّر طبيعة البعض الآخر.
  • تطبيق الذكاء الاصطناعي يخلّف تحديات تقنية واجتماعية وأخلاقية، وعلى الشركات الإلمام بكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة فعّالة.

الخلاصة:

قد حان الوقت لإدراك واستغلال إمكانات الذكاء الاصطناعي الجبّارة، وبالرغم من أن الذكاء الاصطناعي معقد بطبيعته ويصعب تكامله وتطبيقه، إلا أنه سيغير كل شيء على المدى الطويل.

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد نظرية خيالية! فقد خلص استطلاع أجراه معهد «ديلويت» عن الوعي بالذكاء الاصطناعي وممارساته في عام 2017م إلى أن الجامعات عموماً وكليات الطب والمؤسسات المالية خصوصاً قد طبقّت بالفعل الذكاء الاصطناعي في مختلف الأعمال مثل أتمتة المهام المتكررة وكشف الاحتيال المالي وتطوير خوارزميات إقراض الأموال. وهناك مصطلح آخر يوصف الذكاء الاصطناعي وهو "التقنيات المعرفية"، ويُقصد بها الآليات التي تمنح الآلات قدرات بشرية، حيث يَستخدم الذكاء الاصطناعي هذه التقنيات للقيام ببعض المهام التي يستطيع البشر القيام بها ولكنها تؤدّيها أسرع منهم، مثل مهمة التعرّف على الصور ومهام أخرى أكثر تعقيداً، كما تستخدم الشركات التكنولوجيّة الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع وأعمق، حيث تستثمر شركة «أمازون» في الذكاء الاصطناعي منذ منتصف التسعينيات. ومع ذلك لا تزال شركات عديدة مترددة في تبنّي الذكاء الاصطناعي.

يتضمّن الذكاء الاصطناعي العديد من التقنيات المختلفة التي تُستخدَم في أغراض متنوعة.

تشمل التقنيات التي تندرج تحت باب الذكاء الاصطناعي ما يلي:

  • تعلّم الآلة الإحصائي: تتبنى العديد من الشركات تقنية تعلّم الآلة، والتي قد تتضمن أكثر من 100 خوارزمية لجعل مختلف النماذج تتناسب مع نوعية وكمية البيانات.
  • الشبكات العصبونية: هذه التقنية هي النسخة الأكثر تعقيداً من تعلّم الآلة، وتستخدم لتصنيف الأنشطة، مثل تحديد أي المعاملات المالية مشروعة وأيها غير مشروعة. كما يجمع مجال "التعلّم المُتعمّق" بين مستويات متعددة من الشبكات العصبونية.
  • معالجة اللغات الطبيعية: تُستخدم هذه التقنية لتحليل النصوص والتعرّف على اللغة المنطوقة وفهمها وترجمتها، حيث تَستخدم "معالجة اللغات الطبيعية الإحصائية" تعلّم الآلة لتحليل عينات لغوية كبيرة لتحديد الارتباطات الإحصائية.
  • معالجة اللغات الطبيعية الدلالية: يتضمن هذا الشكل من الذكاء الاصطناعي تخطيطاً لقواعد اللغة وارتباطها، حيث تتعامل أنظمتها مع قواعد في فئات كثيرة أو تطبيقات متخصصة.
  • الروبوتات: تتضمن هذه التقنية الروبوتات الفعلية و"أتمتة العمليات الروبوتية". وقد كشفت دراسة معهد «ديلويت» أن ما يقارب ثلث الشركات التي شملتها الدراسة تستخدم الروبوتات إلى حد ما. أما فيما يتعلّق بأتمتة العمليات الروبوتية، فإن آلية الذكاء الاصطناعي تتّبع في هذه التقنية إجراءات محددة مثل مجموعة التعليمات المكتوبة باستخدام لغة برمجة معينة للقيام بمهمة ما، كما تستطيع بعض تقنيات أتمتة العمليات الروبوتية مراقبة البشر وهم يقومون بعمل ما ومن ثم يتعلمون منهم ويقلدونهم.

تمتاز الشركات الكبرى والشركات الناشئة بالريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك لأنها تستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل أتمتة العمليات والتبصّر والتفاعل المعرفي.

الشركات الكبرى والشركات التكنولوجية الناشئة هي أول من تبنى الذكاء الاصطناعي في أعمالها، إذ يؤسس رواد التكنولوجيا شركات تقنية مختلفة تتمحور حول الذكاء الاصطناعي، وبالمقابل فإن الشركات الكبرى تعتبر من رواد الذكاء الاصطناعي لأنها تمتلك الموارد المالية والموظفين وحجم البيانات اللازمة لتطبيق الذكاء الاصطناعي.

"سيوفر الذكاء الاصطناعي مِيزَة تطورية على المدى القصير، ومن المرجح أن تكون ثورية على المدى الطويل".

ترغب المنظمات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي حاليّاً إلى التوسّع في استخدامها للذكاء الاصطناعي مستقبلاً، ولكنها غالباً لا تتوسعّ لتشمل منظومة الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، في حين تستثمر بعض الشركات مبلغاً محدوداً في الذكاء الاصطناعي، بينما تقيم شركات أخرى مشاريع ذكاء اصطناعي شاملة لأنظمتها الداخلية. وينبغي أيضاً إدراك أن تنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعي لا يزال صعباً، كما أنه يصعب أيضاً دمج التقنيات المعرفية مع الأنظمة القديمة، وقد تكون التقنيات الجديدة باهظة الثمن. وعلى الرغم من سهولة تطوير بعض التقنيات إلا أن تطبيقها وتفعيلها قد يكون في غاية الصعوبة، ومن السهل أيضاً تطوير تطبيقات قائمة بذاتها تستخدم تقنية أتمتة العمليات الروبوتية أو تعلّم الآلة الإحصائي ولكن يصعب نسبياً برمجة وتطوير نموذج فعّال للتعلّم المُتعمّق كونه يتطلب بيانات مصنّفة ومعنونة، أما تقنية التعرف على الكلام وفهمه فهي شاقة للغاية ويصعب تطويرها وتطبيقها. وعلى العموم، تميل المنظمات إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في ثلاث مجالات عامة:

  1. أتمتة العمليات: وهي أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي الشائعة، وفيها تستخدم الروبوتات أو تقنية أتمتة العمليات الروبوتية للقيام بالمهام المتكررة ولنقل البيانات بين الأنظمة ولتحديث الأنظمة وربطها والتوفيق بينها وما إلى ذلك، كما تعتبر تقنية أتمتة العمليات الروبوتية أرخص وأسهل تقنية في مجال الذكاء الاصطناعي من حيث التنفيذ.
  2. التبصّر المعرفي: تستخدم هذه التقنية الذكاء الاصطناعي لتطوير تطبيقات تعمل على استخدام الخوارزميات للعثور على أنماط البيانات ومساعدة المستخدمين على فهم البيانات، كما تشتمل البصائر الناتجة على التنبؤ بالعناصر التي قد تجذب العملاء ونمذجة البيانات الأكتوارية (التخمينية) وتحليل البيانات للتنبؤ بالأعطال الميكانيكية أو لتحديد مواعيد الصيانة المتوقّعة.
  3. التفاعل المعرفي: تقدم الشركات تقنية الذكاء الاصطناعي للعملاء والعاملين بأشكال مختلفة منها خدمة العملاء على مدار الساعة وتقديم التوصيات والإجابة على أسئلة الموظفين ومساعدة المرضى من خلال تعزيز خطط العلاج وتخصيصها.

لتصبح شركتك "شركة معرفية"، يجب التوفيق بين المهام والتقنيات التي ستقوم بهذه المهام.

يجب على الشركة معرفة كيفية اختيار التقنيات الأكثر مناسبة لطبيعة مهامها لتنتقل من مجرد شركة معرفية تجريبية إلى شركة معرفية بالكامل، ويجب عليها أيضاً تطوير قدراتها التحليلية الحالية. كما أن معظم الشركات ليس لديها خبراء ذكاء اصطناعي على الرغم من أن العديد من الشركات يمكنها الاستفادة من موظفين لديهم معرفة متعمّقة في مجالات البيانات الضخمة والتحليل الإحصائي، ويجب على الشركات التي ترغب في استخدام الذكاء الاصطناعي تحديد أولويات مشاريعها من خلال تحديد نوع تقنية الذكاء الاصطناعي أو نوع التطبيقات المعرفية الأنسب لكل مجال من مجالات الشركة.

معظم التنبؤات والتقديرات حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف تركّز على الجوانب السيئة فقط.

أعمل على إنشاء مشاريع تجريبية للتحقق من فعالية الذكاء الاصطناعي، ولاحظ الصعوبات والمعوقات المعرفية المحتملة التي قد تعيق تطبيق الذكاء الاصطناعي، لأن توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي سيكون صعباً عند غياب القوة الحاسوبية اللازمة، وفي حال أطلقت عدة مشاريع في وقت واحد ينبغي عليك استخدام هياكل بيانات مماثلة لإدارتها، وضع في اعتبارك عندما تطور شركتك قدراتها في مجال التقنيات المعرفية أن سيكون للذكاء الاصطناعي تأثير على توازن العمل بين البشر والآلات وعلى المهام التي سيؤديها البشر، كما أن هناك حاجة ماسة لتخطيط مُركّز عند توسيع نطاق برامجك لتحقيق فوائد إنتاجية، وقد يحد غياب التقنيات الجديدة من المكاسب التي تحققها شركتك.

تحتاج المنظمات إلى تطوير استراتيجيات معرفية.

تستفيد الشركات من الاستراتيجيات المعرفية في تطبيق الذكاء الاصطناعي، لذا يجب أن تفهم كيف سيؤثر مورد معين على شركتك، وبالتالي حدد الخدمات والمنتجات التي ستقدمها وكيف ستبيعها، وينبغي ملاحظة أن تحليل البيانات غالباً ما يكون هو التركيز الرئيسي للذكاء الاصطناعي، لذلك يجب أن تشمل استراتيجيات الاستخدام الخاصة بك المحتوى الذي تتعامل معه شركتك، ويجب أن تكون العناصر الأخرى لاستراتيجيتك خاصة بقضايا مؤسستك والذكاء الاصطناعي المراد تطبيقه، مثل معالجة المشكلات والقضايا والفرص في تطوير الذكاء الاصطناعي، وضع في اعتبارك الأهداف الداخلية والخارجية، مثل تحسين خدمة العملاء واتخاذ قرارات داخلية مبنية على المعرفة، ومن الممكن أن تتطور بعض الاستراتيجيات إلى نماذج أعمال قائمة على الذكاء الاصطناعي لتضع الذكاء الاصطناعي في قلب التطوير المستقبلي.

"تدور التكنولوجيا المعرفية في المقام الأول حول تحليل واستخراج البصائر من المحتوى، بما في ذلك البيانات والمعلومات والمعرفة."

أعمل على تطوير إستراتيجية مواهب خاصة بالذكاء الاصطناعي حول كيفية تطوير وتوظيف الأشخاص ذوي المهارات المطلوبة، وذلك من خلال حملات توظيف أو عبر إقامة شراكات مع شركات أخرى أو شراء شركات للاستفادة من موظفيها، وحدّد الطموح الذي ترغب شركتك في الوصول إليه، إذ تفضّل بعض المنظمات التنفيذ البطيء والتدريجي عند تبنّي الذكاء الاصطناعي، في حين يلتزم الآخرون بخطة ثورية للوصول إلى أهدافهم. وتحدث معظم الأنشطة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي في المؤسسات خاصة، أما المؤسسات الحكومة فهي تتفاوت على نطاق واسع في استخدامها الذكاء الاصطناعي، حيث تنفق حكومة الصين أكبر قدر من الأموال في الذكاء الاصطناعي، أما سنغافورة تسعى بنشاط إلى تبني الذكاء الاصطناعي، في حين تموّل بريطانيا العظمى التعليم والمشاريع الناشئة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، أما الولايات المتحدة فقد تقدمت خطوات بسيطة بعد إعلان جاهزيتها لتبني الذكاء الاصطناعي.

هناك طرق مختلفة لتطبيق الذكاء الاصطناعي في الشركات، وفي بعض الحالات تحل الآلات محل صانعي القرار من البشر، وفي حالات أخرى تساعد الآلات البشر وتجعلهم أفضل.

يمكن للشركات استخدام هذا النوع من تعلّم الآلة لاتخاذ قرارات أفضل، مثل تقديم توصيات لعلاجات طبية أدقّ أو تحديد عمليات غسيل الأموال والاحتيال، ويمكن للشركات تطبيق الذكاء الاصطناعي لتطوير نماذج تنبؤ وتصنيف أكثر تفصيلاً. الذكاء المُعزّز (استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز الذكاء البشري بدلاً عن استبداله) هو أحد أسهل مجالات الذكاء الاصطناعي من حيث التنفيذ على الرغم من أن نقص البيانات قد يشكّل عائقاً، كما يمكن للذكاء الاصطناعي تنفيذ المهام الرقمية المنظمة، ولكن عندما تكون المهام متكررة وكثيفة المعلومات فإن تقنية أتمتة العمليات الروبوتية تكون مفيدة وسهلة التطبيق إلى حد ما، ولكن أتمتة العمليات الروبوتية لا تناسب المهام التي تتطلب قراراً مستقلاً، ونادراً ما يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام بالوظائف البشرية على أكمل وجه، ولكن يستطيع أن يقوم بمهام روتينية مما يتيح للبشر الفرصة للتركيز في أعمال أخرى.

"يجب تنفيذ نموذج تطبيقات الذكاء الاصطناعي بعد تطويره، وذلك من خلال دمجه أو إضافته إلى نظام موجود بالفعل."

يمكن للشركات استخدام الذكاء الاصطناعي لمعالجة المعلومات وتعديلها، وقد يتضمن ذلك تقنية "التعرف الضوئي على الرموز"، حيث تقوم الآلات بمسح المستندات ضوئياً وتحويل الصورة إلى نصوص قابلة للمعالجة للحصول على معلومات أو بيانات، ولكن هناك عدد تحديات تعوق تنفيذ هذه التقنية، علاوة على عدم معرفة المديرين بوجود هذه التقنية بالأصل، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً فهم الكلام المنطوق، وهذه التقنية لاتزال تتطور باستمرار. ولكن بمجرد أن تصل دقة التعرف على الكلام إلى 99%، ستصبح هذه الطريقة الرئيسية لتواصل البشر مع أجهزة الحاسوب، وهناك العديد من التطبيقات لهذه التقنية، مثل خدمة العملاء أو تشغيل المركبات والسيارات، ولكن قد تحل تقنية الذكاء الاصطناعي هذه محل وظائف بشرية مثل مراكز الاتصال وخدمة العملاء، ولكن لدى العملاء في يومنا هذا انطباع سيئ عن تفاعلات الكلام الآلية، وكذلك قد لا تكون قواعد البيانات موثوقة بما يكفي لكي يعمل نظام التعرف على الكلام على دلالات الألفاظ (مثل فهم سياق الجملة وتمييز نبرة الصوت) وليس مجرد الاعتماد على بيانات إحصائيات. كما يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين العمليات الحالية وتحسين التنبؤات حول الطلب وتحسين الجداول الزمنية والإنتاج والتنبؤ بالأعطال وأوقات الصيانة، وهذا قد يعني تقليل عدد العمال في المصانع، ولكن يتطلب المزيد من إجراءات السلامة وزيادة أجور العمال المتبقيين.

"يضيف الذكاء الاصطناعي قيمة تجارية كبيرة، ولكن جزءاً كبيراً من هذه القيمة غير ملحوظ."

حقق العلماء منذ عام 2010م حتى الآن تطورات هائلة في قدرة الذكاء الاصطناعي على إدراك الصور والتعرف عليها، وهي تقنية أو وظيفة تسمى "رؤية الحاسوب" أو "الرؤية الآلية"، وتعتمد هذه التقنية على الشبكات العصبونية ذات التعلّم المتعمّق وتعتمد أيضاً على ازدياد أعداد الصور المصنفة والمعنونة، وقد تؤدي تقنية التعرف على الصور إلى فقدان بعض الوظائف البشرية، قد يكون لتقنية التعرف على الوجوه أيضاً تداعيات سياسية مروعة على حرية التعبير والاحتجاج العام، ومع تطور هذا المجال من الذكاء الاصطناعي قد تعمل الروبوتات باستقلالية أكبر وتتمكّن من إنجاز مهام أكثر تعقيداً، وتستطيع بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي التعرّف على مشاعر الناس، على سبيل المثال إدراك استجابة العملاء تجاه عرض ما، كما سيساعد تطور الذكاء الاصطناعي في فهم السوق وتسريع تطوير "الروبوت الاجتماعي" وتحسين التعليم عبر تحديد شعور الطلاب بالملل أو التشويش.

سيغير الذكاء الاصطناعي من بيئة العمل، وسيقضي على بعض الأعمال ويغيّر طبيعة البعض الآخر.

تشير التنبؤات المتشائمة إلى أن ملايين الوظائف ستُشغل آلياً، وأن هيمنة الآلات ستتمدد، وأن إنشاء بعض الوظائف الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي سيزيد من التفكك الاجتماعي والاقتصادي، وتشير التوقعات أيضاً إلى أن الآلات ستحتل نحو 47% من الوظائف في الولايات المتحدة، كما تشير توقعات أخرى إلى أن الآلات ستسيطر على ما لا يقل عن 9% من الوظائف في 21 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وترى بعض التوقعات أن الأتمتة ستشمل فقط  المهام أو أجزاء من الوظيفة، بينما تشمل التوقعات الأخرى أتمتة الوظائف بأكملها.

"بالرغم من عدم وجود الحاجة في الوقت الحالي إلى تدريب الموظفين على المهارات الجديدة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي كونه لا يزال بحاجة إلى المزيد من التطوير، لكن ينبغي على الشركات البدء الآن في تدريب موظفيها استعداداً للمستقبل."

سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى ظهور العديد من الوظائف الجديدة تماماً، فبعض الوظائف، مثل وظيفة المسوق الرقمي، أصبحت موجودة بسبب ظهور مجال تحليل البيانات الضخمة. كما تتطلب تطبيقات الذكاء الاصطناعي إدارة من قبل موظف مدرّب ومحترف، حيث سيقوم المدربون بتعليم القدرات الجديدة عن الذكاء الاصطناعي، وسيتأكد موظف الدعم الفني من سير عمل الأنظمة، وسيشرح "المفسرون" التطبيقات لأولئك العمال الذين لم يتلقوا تدريباً تقنياً، كما ينبغي على المنظمات التي تعمل على أتمتة عملياتها إدراك أن عمّالها سيمرون عبر خمس مراحل:

  1. التدخل: سيعمل العمال على مراقبة وتعديل تطبيقات ذكاء اصطناعي معينة.
  2. الزيادة والتصعيد: ستستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي في الأعمال البسيطة، وسيقوم الأشخاص بخلق رؤى استراتيجية للشركة.
  3. التنحي جانباً: سيقوم البشر بالأعمال البشرية التقليدية ولكن بكفاءة أعلى، مثل التعامل مع الآخرين.
  4. عدم التأثّر: لن تشمل الأتمتة بعض الوظائف المتخصصة.
  5. تقديم الدعم: سيعمل العمال على تصميم وبناء ذكاء اصطناعي جديد.

"هناك تأثيرات عميقة يُحدثها الذكاء الاصطناعي في المنظمات والمجتمعات."

تحتاج الشركات إلى استراتيجية للتعامل مع التغييرات والتعزيزات الناجمة عن الذكاء الاصطناعي في كل مرحلة من المراحل التي يمّر بها العامل، ويمكن لبعض المجالات، مثل القانون، أتمتة مهام معينة دون الاستغناء عن الوظائف البشرية، ومن المرجح أن يساعد الذكاء الاصطناعي الموظفين بدلاً عن أن يحل محلّهم.

تطبيق الذكاء الاصطناعي يخلّف تحديات تقنية واجتماعية وأخلاقية، وعلى الشركات معرفة كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي.

يجب أن تحدّد المنظمات أهداف أعمالها بكل وضوح وتحدد كيفية ارتباط الذكاء الاصطناعي بها والطرق التي ستساعدها على تحقيق أهدافها، ويجب على القادة تقييم مستوى معرفة وخبرة شركاتهم في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات ذات الصلة، ويجب أن يعرفوا كفاءة أنظمتهم الحالية ومستوى خبرة موظفيهم، حيث تعد عملية دمج مشاريع الذكاء الاصطناعي مع الأنظمة الحالية أمراً صعباً، وقد يترتب على هذه الأنظمة تكاليف باهظة كون المديرين غالباً لا يفهمون كيفية عمل هذه الأنظمة ونادراً ما يمتلك الموظفون المهارات المناسبة لتشغيلها. وتستطيع الشركات التي تفتقر إلى خبرة الذكاء الاصطناعي الاستعانة بمنصة وعدداً من الأدوات ذات الصلة من مصدر خارجي، على سبيل المثال يمكن تبني تقنية أتمتة العمليات الروبوتية للمبتدئين لأنها بسيطة ومبرمجة دون تعقيد.

"دعونا نواجه الحقيقة! الذكاء الاصطناعي هو أداة قوية يمكنها القيام بمجموعة واسعة من المهام بمفرده تقريباً بعد برمجتها."

هناك آثار تنظيمية واجتماعية وأخلاقية مترتبة على استخدام الذكاء الاصطناعي، وقد يتعين على الحكومات معالجة قضايا مثل إعادة تدريب القوى العاملة، وضمان وظائف بديلة للأشخاص الذين فقدوا وظائفهم جرّاء الذكاء الاصطناعي، وفرض ضرائب على الروبوتات بطريقة مبتكرة أو منح جميع الروبوتات الحد الأدنى من الدخل الأساسي. ويجب على الشركات عند تطبيق الذكاء الاصطناعي الحرص على عدم الإضرار بالمجتمع، وينبغي التشديد على ذلك نظراً لتساعر تغير الذكاء الاصطناعي وعدم إمكانية التنبّؤ بمستقبله وفعاليته، على سبيل المثال كان من المفترض أن تكتشف خوارزميات فيسبوك "الأخبار المزيفة" ولكنها فشلت في ذلك كما فشلت خوارزميات الإعلانات والرسائل في تحديد الإساءات العرقية أو الدينية.

" من منظور الذكاء الاصطناعي، ربما يكون العامل الرئيسي الذي تفتقر إليه الشركات الصغيرة والمتوسطة هو الوعي والفهم بما هو ممكن وما هو غير ممكن."

هناك تأثيرات حقيقية ناجمة عن التحيزات المضمنة في الخوارزميات والتي قد تكون عن غير قصد، مثل التصنيف الائتماني الآلي للأشخاص (تحديد أهليتهم للحصول على قروض وتسهيلات من البنوك) بناءً على نشاطاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي أو التقييم الآلي للمهاجرين، حيث تعمل معظم الخوارزميات بشفافية قليلة لأنها قد تعتمد على معرفة ملكية الشركة، ومع ذلك يجب أن تتعامل أي شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي بشفافية قدر الإمكان وأن تكون قادرة على شرح كيفية عمل نموذجها.

عن المؤلف:

توماس دافنبورت، حاصل على درجة الدكتوراه، وهو أستاذ متميز يدرّس تكنولوجيا المعلومات والإدارة في كلية بابسون، ومؤسس مشارك في المعهد الدولي للتحليل، ومؤلف كتاب «البشر فقط من يحتاجون للتمكين: الفائزون والخاسرون في عصر الآلات الذكية.»