سِمات مشاريع حوكمة المعلومات الناجحة

على الرغم من حالة التطوّر المستمر التي تلازم سياسات وتقنيات حوكمة المعلومات إلّا أن غالب المشاريع الناجحة ما زالت تتشارك سِمات بعينها تعتبر من أسباب نجاحها وتمثّل فرصة لمن يريد اقتفاء أثرها واحتذاء حذوها.

أوّل ما يلاحظ في المشاريع التي حققت نسبة حوكمة عالية هو وجود إشراف مباشر على مستوى الإدارة التنفيذية. وتظهر أهمية إشراف الإدارة التنفيذية في إيمانها بجدوى حوكمة المعلومات أولًا ثم حرصها على تذليل العقبات الداخلية، مع قيامها بدور الوسيط بين الفريق التنفيذي والإدارة العليا على نحو يوحّد الإرادة الداخلية.

ولأن المعلومات هي محور الحوكمة؛ فإن من سمات أي حوكمة ناجحة هي وجود سياسة تحكم تدفق وتداول البيانات. تُنظّم هذه السياسة صلاحية الوصول إلى المعلومات، وأوجه استخدامها وتبادلها وفق القوانين الداخلية والخارجية، مع ضبط منافذ النشر والتراسل ممثلة في البريد الإلكتروني والمساحات السحابية وحسابات التواصل الاجتماعي والمدونات والمواقع الإلكترونية وما في حكمها جميعًا. على أن تضع السياسة عقوبات على من يخالفونها. وبالطبع لن تؤتي تلك السياسة مفعولها ما لم ينجح القائمون عليها في تعميمها على جميع العاملين ذوي الصلة والتأكّد من فهمهم إيّاها.

أيضًا، يُلاحظ في مشاريع الحوكمة التي تحقق امتثالًا عاليًا: كثرة اعتنائها بجودة المعلومات. وهي عناية شاملة تهدف إلى التحقق من صحّة البيانات، وتأمين طرق توليدها وتخزينها وتوزيعها، وخفض تكاليف التخزين وتقليل مخاطر الاختراقات والفيروسات عبر تصفية المعلومات غير ذات الجدوى والتخلّص منها.

وعادة ما ترتبط جودة المعلومات بسمة ملازمة هي القدرة على تصنيف البيانات وترتيبها ترتيبًا يسهّل بحثها والوصول إليها واتخاذ القرارات بشأنها.

وممّا يجب التنبيه إليه أن كل المزايا السابقة تكون في مهبِّ الرّيح إذا لم يتمكّن برنامج الحوكمة من حماية المعلومات من الإتلاف والتحريف والاختراق، سواء كانت في محطة التخزين أو محطة النقل أو محطة التخزين. مع ضرورة وضع تدابير حماية تتلافى أخطاء الموظفين غير المقصودة. وتشمل تدابير الحماية استخدام برامج إدارة المستندات والتقارير للتحكم في الوصول إلى المستندات والتقارير وفي إنشائها وتحديثها وطباعتها. إلّا أن التأمين والحماية يجب ألّا ينتج عنه عُسر الوصول إلى المعلومات لمن لديهم الصلاحية؛ لأن سهولة الوصول مبدأ أساسي وضروري.

إضافة إلى ما سبق، تمتاز مشاريع حوكمة المعلومات الناجحة بحرص قيادتها على التحقق من سيرورة الحوكمة كما ينبغي، وذلك من خلال المتابعة المباشرة والمتابعة عبر التقارير.

كما أن قيادة الحوكمة الفعالة تحرص على استشارة الأقسام المعنيّة داخل المنشأة والتنسيق معها في مجال اختصاصها، إداريًّا كان أو قانونيًّا أو تقنيًّا. مع سعيها الدؤوب إلى التحسين المستمر.

خلاصة القول؛ لا يمكن تحقيق حوكمة معلوماتية ناجحة دون اقتفاء أثر الآخرين وتلمّس العوامل التي كانت من أسباب نجاحهم. ولا يمكن اعتبار النجاح في الحوكمة نقطة تاريخية تتجمّد المنشأة عندها حال تحقيقها؛ بل هي عملية مستمرة لا نهاية لها، لكن من يبدأ مبكرًا يواصل السباق بأقل جهد.